في قديم الزمان
حيث لم يكن على الأرض بشر
كانت الفضائل والرذائل.. تطوف العالم معا
وتشعر بالملل الشديد
ذات يوم ... و كحل لمشكلة الملل
اقترح الابداع .. لعبة .. وأسماها الاستغماية .. أو الغميضة
أحب الجميع الفكرة
وصرخ الجنون : أريد أن أبدأ .. أريد أن أبدأ
أنا من سيغمض عينيه .. و يبدأ العد
و أنتم عليكم مباشرة الاختفاء
ثم انه اتكأ بمرفقيه .. على شجرة .. و بدأ
واحد ... اثنين ... ثلاثة
و بدأت الفضائل و الرذائل بالاختباء
وجدت الرقة مكانا لنفسها فوق القمر
و أخفت الخيانة نفسها في كومة زبالة
و ذهب الولع واختبأ ... بين الغيوم
و مضى الشوق الى باطن الأرض
الكذب قال بصوت عال
سأخفي نفسي تحت الحجارة ... ثم توجه لقعر البحيرة
و استمر الجنون : تسعة و سبعون ... ثمانون ... واحد وثمانون
خلال ذلك أتمت كل الفضائل والرذائل تخفيها ... ماعدا الحب
كعادته ... لم يكن صاحب قرار ... و بالتالي لم يقرر أين يختفي
و هذا غير مفاجيء لأحد ... فنحن نعلم كم هو صعب اخفاء الحب
تابع الجنون : خمسة وتسعون....... ستة وتسعون
و عندما وصل الجنون في تعداده الى : مئة
قفز الحب وسط أجمة من الورد ... و اختفى بداخلها
فتح الجنون عينيه .. وبدأ البحث صائحا
أنا آت اليكم ... أنا آت اليكم
كان الكسل أول من نكشف ... لأنه لم يبذل أي جهد في إخفاء نفسه
ثم ظهرت الرقّة المختفية في القمر
و بعدها .. خرج الكذب من قاع البحيرة مقطوع النفس
و اشار على الشوق ان يرجع من باطن الأرض
وجدهم الجنون جميعا ... واحدا بعد الآخر
ما عدا الحب
!
كاد يصاب بالأحباط واليأس ... في بحثه عن الحب
الى ان اقترب منه الحسد
وهمس في أذنه
الحب مختف في شجيرة الورد
التقط الجنون شوكة خشبية أشبه بالرمح
و بدأ في طعن شجيرة الورد بشكل طائش ... ليخرج منها الحب
و لم يتوقف الا عندما سمع صوت بكاء
ظهر الحب ... و هو يحجب عينيه بيديه
و الدم يقطر من بين أصابعه
صاح الجنون نادما : يا الهي ماذا فعلت !؟
ماذا أفعل كي أصلح غلطتي بعد أن أفقدتك البصر ؟
أجابه الحب
لن تستطيع إعادة النظر لي
لكن لازال هناك ما تستطيع فعله لأجلي ... كن دليلي
وهذا ما حصل من يومها
يمضي الحب الأعمى ... و يقوده الجنون