يصعب الحديث عن أي رواية لعزيز نيسن دون أن تبدأ بعبارات الاعجاب بذلك الروائي العبقري
بالنسبة لي أشعر أن اكثر ما يميز عزيز نيسن هو أنه كاتب للحياة التي يجعلك تعيشها من خلال كلماته
وكأنك داخل الرواية شاهداً على أحداثها ….
فتشعر بالشفقة و الاعجاب و الاثارة و الحب و الحزن و الفرح و انت تتجول بين أحداث روايته .
صدقه في نقل الحياة كما هي على الورق يساعدك على أن تفهم الحياة بشكل أفضل و أعمق
فمن يقرأ لعزيز نيسن لا يتسلى فقط بل يخرج بقناعات و خبرات و معلومات جديدة
قد لا يتسنى له الحصول عليها بشكل عملي …..
و من ابداعه أنه يروي أكثر القصص مأساوية بقالب ظريف مستخدماً السخرية الضمنية
لن أطيل أكثر فمهما تكلمت لن أفي عزيز نيسن حقه .
تحية لمبدع لا يشبه أحداً سوى الحياة
نشرت هذه الرواية للمرة الأولى عام 1958على حلقات في جريدة – الصحيفة الجديدة -
تحت عنوان مدام عملة صعبة ثم نشرت مرتين أخريين في مجلة Tif و Akbaba
تحت عنوان للبحث عن وريثة
و أخيراً نشرت عام 1973 في صيغتها النهائية بعد إجراء تعديلات عليها
و ذلك إثر الانتهاء من نشرها في مجلة Baris تحت عنوانها الجديد بتوش الحلوة .
إنها الرواية الأهم في أعمال عزيز نيسن وتعتبر إلى الآن الأكثر مبيعاً بين أعماله الأخرى
لأنها تتناول جوهر الحياة و الصراع في فترة كان العالم كله يبنى بعد دمار هائل .
عندما قرأت العنوان قفزت إلى مخيلتي شخصيات كثيرة
لكن خيالي الواسع لم يتسع لشخصية بتول التي تسمى ببتوش الحلوة
بالاضافة إلى أسماء عديدة أخرى اكتسبتها خلال حياتها المثيرة المليئة بالأحداث ….
تبدأ الرواية في خبر في جريدة مفاده أن أقارب المدعوة وردة
التي وهبها والدها عندما كانت صغيرة لعائلة طبيب كي تصبح ابنتهم بالتنبني
يبحثون عنها لأنها قد ورثت عن عمها مبلغا يقدر بعشرين مليون ….
ثم يظهر محمود ابن أخيها و هو يبحث عن عمته وردة في أرجاء تركيا
وتتوالى احداث الرواية حيث كلما التقى محمود بأحد يعرف عمته
كان يروي له قصته معها كاشفاً بذلك جانبا ً من جوانب شخصية بتول
و فاضحاً سراً من أسرار الحياة التي تركزت في شخصيات المجتمع الراقي آن ذاك …..
كل قصة مفردة تصلح لتكون رواية مستقلة بحد ذاتها
و دوماً يفلح عزيز نيسن في كشف خفايا النفوس
ووصف أدق المشاعر و أصعبها بأسلوب فريد
من خلال تصرفات بطلة الرواية ومن مر في حياتها
تماماً كمن يعري المجتمع في تلك الحقبة و يرسم أخطاؤه بدقة ووضوح ……
لن أحرق الرواية بذكر التفاصيل أو المجريات لأنها تستحق القراءة
و تستحق أن تكتشفوا بأنفسكم تطورها حتى الذروة
و نهايتها التي تترك في النفس أثراً عميقاً .
أجمل ما تعلمته من هذه الرواية
هو ألا أنظر إلى أخطاء الناس أو ايجابياتهم بمعزل عن حياتهم و مجرياتها
الانسان حصيلة ما يعيشه وما يتعلمه وما يريد أن يكونه و نتاج انتصاراته و خيباته