إني أحاول رسم ملامح جدتي الدمشقية
تحضنني فأشم رائحة الياسمين الخالدة الذكية
وتقبلني قبلة قبلة تحفر في قلبي سعادة لا توصف وحنانا لا ينضب
إني أرى تجاعيد وجهها وهي تحكي سنين حياتها
وكيف تقف التجعيدة على كتف تجعيدة أخرى لترسم لي ملامح الصمود العربية
إني ارى في عينيها در يتلألئ و يقول لي فلسطين عربية ستبقى عربية
وأرى كيف تعاني هذه الدموع الدر من الوصول إلى ناطق الحرية
وأرى مشاقها حين تعبر على كل ثنية في وجهها و تسعد لسماع نصيحة خبيرة
لا بل تسعد لرؤية الكرامة و الشموخ الأصيلة
إني لأحسد هذه الدموع على دروبها المفتوحة لا يوجد لديها حدود ممنوعة و لا صعوبات مرسومة
وإني لأحسد جدتي على تذوق فرحة الوحدة العربية
آه لماذا رحلت يا جدتي !
لا بل أشكر الله على نعمة إبقاء قليل من الفرح في قلبك ،قبل رحيلك
أشكر الله على إبقاء نسيم من بسمتك في قلبي بعدما ذهب نسيم بسمتي مع حرية بغداد العريقة
أشكر الله على جعلك من النساء اللواتي سقوا بعرقهم أرضهم وليس بدموعهم فراتهم
وا أسفاه يا جدتي نسيت
نسيت ان أطلب منك ترميم جروحي
فقد جرح قلبي و تيبس الجرح ولم يلتأم وكل اشعر بالمه لدرجة اني تخدرت عن الإحساس به
لا أعرف من جرحني أهي سكين عربية أم بندقية صهيونية أم كلاهما
أين ذهبت تلك اللأيام ،عندما كنت تجلسن و تقصين الروايا على مسامعي
الملفقة و الخيالية منها و الصادقة أمام نافورة بيتنا العربي
ويعطر الحديث أنغام ناي الماء الهدار الذي ترقص على أنغامه ياسمين بيتنا العتيق مع أوراق الليمون الصفراء
لا أستطيع ان اختم رسالتي هذه فاعذريني
اعذريني على ابتسمتي الحزينة و على حزني السعيد و لا تسأليني عن شيء.